responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 56
[14]

[سُورَة الشورى (42) : آيَة 14]
وَما تَفَرَّقُوا إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (14)
وَما تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ.
عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ [الشورى: 13] وَمَا بَيْنَهُمَا اعْتِرَاضٌ كَمَا عَلِمْتَ، وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَما تَفَرَّقُوا تَقْدِيرُهُ: فَتَفَرَّقُوا. وَضَمِيرُ تَفَرَّقُوا عَائِدٌ إِلَى مَا عَادَ إِلَيْهِ ضَمِيرٌ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا [الشورى: 13] وَهُمْ أُمَمُ الرُّسُلِ الْمَذْكُورِينَ، أَيْ أَوْصَيْنَاهُمْ بِوَاسِطَةِ رُسُلِهِمْ بِأَنْ يُقِيمُوا الدِّينَ. دَلَّ عَلَى تَقْدِيرِهِ مَا فِي فعل وَصَّى [الشورى: 13] مِنْ مَعْنَى التَّبْلِيغِ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَالْعِلْمُ: إِدْرَاكُ الْعَقْلِ جَزْمًا أَوْ ظَنًّا. وَمَجِيءُ الْعِلْمِ إِلَيْهِمْ يُؤْذِنُ بِأَنَّ رُسُلَهُمْ بَيَّنُوا لَهُمْ مَضَارَّ التَّفَرُّقِ مِنْ عَهْدِ نُوحٍ كَمَا حَكَى اللَّهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهاراً ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً إِلَى قَوْلِهِ: سُبُلًا فِجاجاً فِي سُورَةِ نُوحٍ [8- 20] .
وَإِنَّمَا تَلَّقَى ذَلِكَ الْعِلْمَ عُلَمَاؤُهُمْ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْعِلْمِ سَبَبُ الْعِلْمِ، أَيْ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَجِيء النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصِفَاتِهِ الْمُوَافِقَةِ لِمَا فِي كِتَابِهِمْ فَتَفَرَّقُوا فِي اخْتِلَاقِ الْمَطَاعِنِ وَالْمَعَاذِيرِ الْبَاطِلَةِ لِيَنْفُوا مُطَابَقَةِ الصِّفَاتِ، فَيَكُونَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ [الْبَيِّنَةُ: 4] عَلَى أَحَدِ تَفْسِيرَيْنِ.
وَالْمَعْنَى: وَمَا تَفَرَّقَتْ أُمَمُهُمْ فِي أَدْيَانِهِمْ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ عَلَى لِسَانِ رُسُلِهِمْ مِنَ النَّهْيِ عَنِ التَّفَرُّقِ فِي الدِّينِ مَعَ بَيَانِهِمْ لَهُمْ مَفَاسِدِ التَّفَرُّقِ وَأَضْرَارِهِ، أَيْ أَنَّهُمْ تَفَرَّقُوا عَالِمَيْنِ بِمَفَاسِدِ التَّفَرُّقِ غَيْرَ مَعْذُورِينَ بِالْجَهْلِ. وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ [الْبَيِّنَةُ: 4] عَلَى التَّفْسِيرِ الْآخَرِ.
وَذَكَرَ سَبَبَ تَفَرُّقِهِمْ بَقَوْلِهِ: بَغْياً بَيْنَهُمْ أَيْ تَفَرَّقُوا لِأَجْلِ الْعَدَاوَةِ بَيْنَهُمْ، أَيْ بَيْنِ الْمُتَفَرِّقِينَ، أَيْ لَمْ يُحَافِظُوا عَلَى وَصَايَا الرُّسُلِ. وَهَذَا تَعْرِيضٌ بِالْمُشْرِكِينَ فِي إِعْرَاضِهِمْ عَنْ دَعْوَةِ الْإِسْلَامِ لِعَدَاوَتِهِمْ لِلْمُؤْمِنِينَ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 56
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست